الدول العربية, التقارير

بلديات تونس.. حملات دعائية "باردة" وتوقعات بعزوف "عقابي" (تقرير)

23.04.2018 - محدث : 23.04.2018
بلديات تونس.. حملات دعائية "باردة" وتوقعات بعزوف "عقابي" (تقرير)

Tunisia

تونس/ يسرى ونّاس/ الأناضول

رغم اقتراب موعد الانتخابات البلدية بتونس، في السادس من مايو/ أيار المقبل، تخيم حالة "فتور" على الحملات الدعائية، التي انطلقت في الرابع عشر من أبريل/ نيسان الجاري، رغم أن هذا الاستحقاق هو الأول من نوعه منذ الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي (1987-2011)، وفق مختصين.

بينما يرى آخرون أن الدعاية الانتخابية تصاحبها "حركية"، لكنها لا تقارن بالانتخابات البرلمانية والرئاسية، رغم أن التونسيين طالما راهنوا على الانتخابات البلدية لتركيز الحكم المحلي، وتعزيز أسس اللامركزيّة.

وأمام الأحزاب حتى الرابع من مايو المقبل لإبراز أهم برامجها الانتخابية، وإقناع الناخبين بالتصويت في مناخ اجتماعي "متفجر"، يتسم بوضع اقتصادي متردٍ، ووتيرة احتجاجية متصاعدة، وقوائم انتخابية كثيرة، وحملات دعائية تقليدية، فضلا عن إحباط الناخب من السياسيين، بحسب مختصين.

** أزمات عديدة

أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية، مهدي مبروك، قال للأناضول، إن "المناخ الاجتماعي يتسّم بتوترات تجعل الرأي العام مشدودا إلى مسائل بعيدة عن الشأن الانتخابي، مثل الأزمة بين الأساتذة (المعلمين) والحكومة، وتصاعد وتيرة الاحتجاج، وارتفاع الأسعار، وانهيار المقدرة الشّرائية للمواطن".

ومنذ أشهر، تعيش تونس على وقع احتجاجات في قطاعات عديدة، بينها التعليم، لمطالبة السلطات بمطالب مهنية وأخرى ماديّة.

ويعاني الاقتصاد التونسي من صعوبات، إذ تراجعت نسبة النمو السنوي عدة مرات من قرابة 3.6%، في 2010، إلى حوالي 1.9%، العام الماضي.

وأضاف مبروك أن "المناخ الاجتماعي غيّر وجهة الرأي العام عن متابعة الحملة الانتخابيّة، كما أن العرض الانتخابي يتميز بوفرة القوائم الحزبية والمستقلة والائتلافيّة، وهي تحمل عشرات الأسماء، فضلا عن أعضائها، وهو ما يشتت الناخب، ويجعله غير قادر على التمييز، إضافة إلى أنه لا يعرفهم بشكل مباشر".

وتخوض الانتخابات 2074 قائمة، هي: 1055 قائمة حزبية، و860 مستقلة، و159 ائتلافية، وتضم خمسين ألف مرشح يتنافسون على عضوية 350 دائرة بلدية، وفق الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

واعتبر مبروك أن "الخطوات الأولى للحملة بدت متعثرة، وإذا تم حل الأزمات الاجتماعيّة في الأيام القليلة القادمة، فإن الوضع مرشح للتطور، وتسجيل اهتمام أكبر من جانب الناخبين، خاصة مع اقتراب الموعد الانتخابي".

** حركية أقل

بينما رأى أستاذ علم الاجتماع، رئيس المرصد الوطني للشباب (حكومي)، محمد الجويلي أن "المؤشرات الأولى للحملة الانتخابيّة لا تدل على وجود فتور كبير، فهناك حركية، رغم أنّها لا تضاهي منافسات التشريعيات الماضية (2014)".

وتابع الجويلي، في حديث للأناضول: "توجد حركية تصاحب الحملة.. هناك مرشحون يعملون على التّواصل المباشر مع النّاخبين، كما أنّ مؤشر الشكاوى في الهيئات الانتخابية الفرعية من تجاوزات الحملات يعد مؤشرا على وجود حركية انتخابية".

وأضاف أنه "عادة ما يكون لحملات الانتخابات البرلمانية والرئاسية ذات البعد المركزي نسق أقوى من الانتخابات المحليّة.. وصدى الحملة الانتخابية البلدية لدى النّاس سيبرز خاصّة يوم الانتخاب من خلال المشاركة من عدمها".

** نسق "بطىء"

بدوره، أقر الطيب المدني، رئيس لجنة التّشريع العام بالبرلمان، عضو حركة "نداء تونس" (58 نائبا من أصل 217)، بأنه "لا يمكن الفصل بين الواقع الاجتماعي والانتخابات البلدية، فللواقع انعكاس مباشر على إقبال النّاخبين على التصويت ومتابعتهم للحملات الدّعائيّة".

وأردف المدني، للأناضول، أن "الوضع الاقتصادي الصعب، وتدني المقدرة الشرائية، وتحول الأنظار نحو الاحتجاجات والمطالب الاجتماعية من شأنه أن يؤثر على الحملات ونسبة التصويت".

ووصف نسق الحملة في أيامها الأولى بـ"البطيء"، متوقعا أن "وتيرتها ستتصاعد أكثر في الأسبوع الأخير، الذّي يتزامن مع أسبوع الجهات (انتقال البرلمانيين إلى مناطقهم والقيام بأنشطة هناك) وكذلك مع اقتراب الاقتراع".

** عزوف انتخابي

واعتبر مبروك أن "توتر المناخ الاجتماعي قد يؤدّي إلى عزوف عن المشاركة في البلديّات، وهو أمر غير جديد، فمنذ التشريعيات (2014) عرفت الأوساط الشبابية عزوفا عن الاقتراع، بل إن قاعدة العزوف ستتجاوز الشباب لتشمل فئات أخرى مستاءة من السياسيين".

ويبلغ عدد الناخبين المسجلين خمسة ملايين و369 ألفًا، دون احتساب المغتربين، الذين لا تشملهم الانتخابات البلدية.

وتابع مبروك بقوله: "يوجد استياء، خاصة بين الشّباب، من تعثر قضايا، بينها العدالة الانتقاليّة، وارتفاع نسبة البطالة (15.5% في 2017)، وقد نفسر ذلك برغبة منهم في معاقبة الطبقة السّياسيّة، نظرا لأن السياسين لم ينصفوا الشباب".

الأمر نفسه بالنسبة إلى الجويلي، إذ اعتبر أيضا أن "المناخ العام في تونس سيء حاليا، ومن شأنه أن يخلق تشنجا، وقد يدفع ناخبين كثيرين إلى عدم الذهاب إلى مكاتب الاقتراع، كعقاب ورفض للوضع العام".

واستدرك بقوله إن "للانتخابات المحليّة منطق آخر مغاير للانتخابات المركزية، فهي غير مرتبطة بفاعلين سياسيين، بل بفاعلين محليين عادة ما يعرفهم المواطن ويتواصل معهم بشكل مباشر، لكن ذلك لا يعني أن المشاركة ستكون في أعلى مستوياتها".

ومن المقرر إعلان النتائج الأولية للانتخابات في السابع من مايو المقبل، فيما تُعلن النتائج النهائية بعدها بيومين، كحد أقصى.

**خيبة أمل

ووفق مبروك فإنه "مع إضافة 150 بلدية جديدة (توجد حاليا 350 بلدية) يفترض أن تتعزز الظاهرة الانتخابيّة في المجال الريفي والقروي، خاصة وأن هذه الانتخابات مرتبطة مباشرة بقضايا تحسين الواقع اليومي للمواطن".

لكنه أقر بـ"وجود خيبة أمل لدى المواطن من أداء الطبقة السّياسيّة، كما أنّ الحملة لم تستطع جذب انتباه الناخبين، ولم تبتكر مناهج جديد رغم التطور النسبي، عبر نشاط مرشحين على مواقع التواصل.. لابد من الاجتهاد في ابتكار سياسات اتصالية، وإلا لن تنجح الحملات".

وعبر مبروك عن خشيته من أن "يتم تحميل المسؤوليات التّي أخلت بها الدولة إلى المجالس المحلية، بعد أن عجزت الحكومة عن مسائل محلية متعلقة بالنظافة والبيئة والخدمات.. نحن في ظلّ دولة ضعيفة تكاد تنهار وهي على حافة الإفلاس، ونخشى أن تنقل حالة الضعف على مستوى المركز إلى الجماعات المحلية".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.